سألتَ عن قولِ ابن مسعود : لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما أخَذوا العِلْمَ عن أكابِرِهِمْ ؟ .
• قال ابن قنيبه : ( يُريدُ لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما كان علماؤُهُم المشايخَ، ولم يكن علماؤُهُمْ الأحداثَ؛ لأنّ الشيخَ قد زالتْ (٣) عنه مَيْعَةُ الشَّباب، وحَدُّةُ، وعَجَلَتُهُ، وسَفَهُهُ، واستصحبَ التَّجْرِبَةَ، والخِبْرَةَ، فلا تدخلُ عليه في علْمِهِ الشُّبْهَةُ، ولا يَغْلِبُ عليه الهَوَى، ولا يَميلُ بِهِ الطَّمَعُ، ولا يَسْتَزِلُّهُ الشَّيْطانُ اسْتِزْلالَ الحَدَث، ومَعَ السِّنِّ الوَقارُ، والجَلالَةُ، والهَيْبَةُ. والحَدَثُ قد تَدْخُلُ عليه هذه الأمورُ التي أمِنَتْ على الشّيخ، فإذا دَخَلَتْ عليه، وأَفْتَى هَلَكَ، وأهْلَكَ.)
قلت : ( صحيحٌ أن هذا المبدأ خاص بـالعلماء في تلقي العلم من أهل الخبرة، لكنه يعمم ليصبح ذا أهمية قصوى للأفراد المجتمع كافة. فإذا ما أصبحت دفة الرأي والتوجيه في أيدي من لا يمتلكون الحكمة الكافية أو الخبرة اللازمة، فإن ذلك يؤدي حتمًا إلى غياب الحكمة وانتشار التنافر والاضطراب في نسيج المجتمع." )
كتاب المسائل والأجوبة لابن قتيبة